في طفولتي الفِكريّة، كنتُ أظنُّ أنّ كلَّ مَقالٍ مكتوب هو بالضرورة مَقالٌ مُفيد. وأنّ السُّطور، ما دامَت سليمةَ النّحو، تستحقُّ النّشر. لكنّني، مع الوقت، رأيتُ العَكس تمامًا؛ ليست كلّ كتابةٍ مَعرِفَة، ولا كلّ مَقال يبني ثِقَة. بل إنّ أكثرَ ما يُكتَب في فضاء المُحتوى القانونيّ العربيّ اليوم، لا يتجاوز كونه إعادةً باهتةً لمادة النظام، بلا روح ولا حسّ، تُنشَر على عجل، وتُقرَأ على ملل، ثمّ تموت كما وُلِدَت: بلا أثر!
أمّا في Think Clause، فلسنَا نكتبُ لأنّ الكتابةَ جزءٌ من التّسويق، ولا لأنّ خوارزميّات Google تطلبُ ذلك، ولا لأنّ أحدَهُم قرّر أن «ننشّط المُدوّنة».
نحنُ نكتب لأنّنا نُؤمن بأن كلّ فِقرة قانونيّة مكتوبة جيدًا، هي امتداد غير مرئيّ للمُنتَج نفسه. فأداة مثل Think Clause، مهما بلغت من ذكاء تقنيّ، لن تُستخدَم ما لم يشعر المُحامي أنّها كُتِبَت له، وفَهِمَت حاجته، وتحدثَت بلغته، لا بلغة تسويقيّة تستعرضُ مزايا ولا تحلّ مشكلات.
نكتبُ لأنّ المُحامي لا يثقُ إلا بما يُشبه طريقتَه في التفكير:
- نصّ يبدأ من الإشكال، لا من التعريف.
- تحليلٌ يُقدّم رأيًا، لا مُلخّصًا.
- فِقرةٌ كُتبِت لتُستخدَم، لا لتُصفّف.
نكتبُ لنبني جِسرًا بين ما يُريده المُحامي فعلًا، وبين ما تُتيحه الأداة فعليًا. نكتبُ لأنّ كلّ مقالٍ يُنشَر من دون هذا الوعي، هو فرصة مَهدورة لترسيخ الثقة، ورفع الترتيب، وكسب مُستخدمٍ قد لا يعود أبدًا.
وهُنا، في هذا الدّليل، لا نعلّمُكَ كيف تكتب مقالًا جيّدًا فقط. بل نرسمُ معكَ خريطة كتابةٍ تفي بكلّ الأهداف:
- تُرضي Google من حيث البُنية والسياق والكيانات.
- تُرضي المُحامي من حيث العُمق والدّقة والاحترام.
- وتُرضينا جميعًا؛ حين يرى أحدُهم CTA الأداة ويقول: “هذا ما كنتُ أبحثُ عنه فعلًا”.
فهل نُكملُ الطريق؟
الرّأي، لا التّرجمة – كيفَ تُثبِتُ أنّكَ صاحب خِبرة؟
كان أستاذي في الفلسفة يقول: “الكاتب الذي لا يملكُ رأيًا، يكتفي بنقل رأي غيره”، ثمّ ينظر إلينا في القاعة قائلًا: “والقانون لا يرحمُ الناقلين”.
في المحتوى القانوني، خاصة حين يُكتَبُ لمحامِين، لا قِيمة لمقال يُعيدُ صياغة مواد النظام أو يُجمّلها بمصطلحات عصريّة. القارئ القانوني، بخِلاف جمهور المُحتوى العام، لا يبحث عن معلومات، بل يبحث عن عقل يُفكّر أمامه، ويفكّك معه الواقع.
في Think Clause، نحن لا نترجمُ النظام. نحن نكتبُ كما يفكّر المُحامي حين يجلس لصياغة مذكّرة. نسأل: ما الذي يُربك المُمارس؟ ما الثغرة التي يخشاها؟ ما الرأي الذي يُدافِع عنه أمام القاضي؟ ثمّ نبني المقال كما تُبنى المُرافَعَة: من مُقدّمة تُحسِن التقاط السؤال، إلى تحليل يُظهر الفَهم، إلى خُلاصة تُقنِع وتَدفع للفِعل.
كيف تُنفِّذ ذلك فعليًا؟
- لا تبدَأ المقال بعبارة مَنسوخة من النظام، بل بسؤال حَيّ من مَيدان العمل: “هل يحقُّ للشركة إنهاء العَقد إذا أخلّ الطرف الآخر؟ وماذا لو لم تُرسِل إنذارًا مكتوبًا؟”
- حدّد رأيًا قانونيًّا واضحًا، مدعومًا بمادة، أو بسوابق قضائيّة سعودية، أو بأيّ من الدول التي ندعمها.
- اكتب الجملة المِفتاحية للرّأي كما لو كنتَ تقولها لعميل مُرتبِك: “في الغالب، لا يُعدُّ الإخلال سببًا كافيًا للفَسخ ما لم يكن جَوهريًا وثابتًا، ويُشترَط في كثير من الحالات توثيقُ الإعذار بطريقة مُعترَف بها قانونًا.”
- اربط هذا الرأي بمثال، أو بخطأ شائع في العقود، أو بمادة قانونيّة تُفهَم غالبًا على نحو خاطِئ.
- امتنِع تمامًا عن الكتابة بهذه الطريقة:
“الفَسخُ هو حَلٌّ للعَقد ويتم بشروط مُعيّنة” لأن هذه جملة يَعرِفُهَا طالبٌ في السنة الأولى، ولن تبني لكَ لا E (الخبرة) ولا A (السلطة).
كيف يُساعدُك ChatGPT في هذه المَرحلَة؟
- قُل له: “اقترح لي 5 مواقف قانونيّة شائعة عن فَسخ العقود في السعودية”
- ثمّ: “اختر الموقف الأكثر جدلًا، وساعدني في بناء رأيًا قانونيًّا واضحًا، مع مَراجع داعمة”
- وأخيرًا: “هل يَظهَرُ هذا الرّأي في كلّ أجزاء المقال؟ كيف يُمكن تقويته؟”
لماذا هذا مُهمّ؟
لأن Google في معايير EEAT، يُقيّمُ مقالك من حيث:
- هل كُتِبَ بخِبرة؟
- هل يقدّم رأيًا مهنيًا حَقيقيًا؟
- هل يَعكِس مَعرِفَة عميقة في المجال؟
ولأن القارئ المُحامي، إن لم يشعُر من الفِقرة الأولى بأنّك “تفهَم”، فلن يُكمِل.
التّحليل فوقَ الشرح – كيف تُقنِع القارئ أنّكَ تستحق ثقته؟
في القانون، كما في الحياة، ما يُقال ليس أهمّ ممّا يُفهَم. والمقال القانوني، مهما زخرفتَهُ بالأحكام والنصوص، لا يَصنعُ تأثيرًا إلّا إذا حمل بين سطوره تحليلًا يُظهِر فَهمًا، لا إعادة شرح محفوظة.
لستَ بحاجة إلى إخبار القارئ أنّ المادة 80 من نظام العمل تتحدّث عن حالات فصل العامل من دون مُكافأة. هو يعلمُ ذلك. لكن ما لا يَعرِفه تمامًا هو:
- هل إشعار الموظّف عبر البريد الإلكتروني يُغني عن التّوثيق؟
- ماذا تفعل الشركة إذا رفض الموظّف استلام الإنذار؟
- وهل يُعَدُّ خَرقُ الخصوصيّة عبر كاميرات المُراقبة مُسوِّغًا للفَصل؟
هذه هي منطقة التحليل، وهنا يتكوّن الفَرق.
ماذا نقصدُ بالتحليل في سياق Think Clause؟
التحليل هو أن تأخذَ النصّ وتفتحه كما يُفتَح مِلفُّ القضيّة:
- تَربط بين مضمونه وبين سياقه العَمليّ.
- تُشير إلى ما لم يُذكَر صراحةً، لكنه يُفهَم ضِمنًا.
- تُبيّن ما يقعُ فيه المُحامون من خطأ عند تطبيقه.
- تُظهِر الآثار القانونيّة المُترتبة على كلّ تفسير.
كيف تُنفِّذ هذا عمليًّا؟
- بعد كلّ نصّ قانونيّ تقتبسه، اسأل نفسَك: “وماذا يعني هذا في الواقع؟” “ما الحالات التي تقعُ في المنطقة الرّماديّة لهذا النص؟” “ما الاجتهادات التي وَسَّعت أو قيَّدت تَفسيره؟”
- إن اقتبستَ مادّة، فلا تُتبِعهَا بشرحٍ بلاغي، بل بفِقرة تبدأ بـ: “لكن عمليًّا…” أو “غير أنّ المحاكم…” أو “وفي حالة…”
- لا تَخف من التعليق النقديّ المُنضبِط: “هذا النصّ رغم وضوحه، يُساءُ استخدامُه كثيرًا في قضايا العمل، خصوصًا في حالة…”
أمثلة على الجُمل التحليليّة:
- “رغم أنّ النص لم يَشترِط شكلًا مُحدّدًا للإعذار، إلّا أنّ التّجارِب القضائيّة تُظهِر أنّ رسائل الواتساب كثيرًا ما تُرفَض بصفتها دليلٍ كافٍ.”
- “هناك لَبس شائع بين ‘الفَسخ’ وبين ‘الإنهاء’، خصوصًا حين يُدرَج كلاهما ضِمن بند واحد من دون تحديد آلية التنفيذ.”
كيف يُساعدك ChatGPT؟
- اسأله: “حلّل لي المادة 77 من نظام العمل من زاوية التطبيق العملي في عقود القطاع الخاص.”
- ثمّ: “ما أكثر التفسيرات إثارة للجدل؟ وما المُشكلات التي يواجهها المُحامون عند تطبيقها؟”
التحليل هو البوابة الثانية نحو بناء EEAT. بدونه سيبدو مقالك مُلخّصًا جامعيًّا، لا كتابةً ناضجة تُقرَأ وتُقتَبس وتُستخدَم. في المقال القانوني، القارئ لا يُريد مَن يُخبره بما يَعرِف، بل مَن يُرشده إلى ما لم ينتبه له بعد.